في هذه القصة دروس وعبر:
أولها: الاعتصام بلا إله إلا الله، فهذه الكلمة من أجلها أنزلت الكتب، وأرسلت الرسل، وخلقت السموات والأرض، وأقيمت المعالم، وبذلت الأموال، وشهرت السيوف.
فلابد أن نعتصم بهذه الكلمة، ولابد أن نفتخر بهذه الكلمة، ولابد أن تسيطر على حياة كل واحد منا؛ على الأمير، على الوزير، على القاضي، على المسؤول، على الصحفي حين يكتب، على الشاعر حين ينظم، على الأديب حين يبدع.
ثانياً: قضية الصلاة، فالدين يقوم على الصلاة، فلا دين بغير صلاة، ولا صلاة بغير دين.
ثالثاً: قضية الإيمان باليوم الآخر، فإذا لم نجعل هذه القضية أمامنا، وفي أذهاننا، فلا سلام، ، ولا أمن، ولا استقرار، ولا طمأنينة، لأن الذين نسوا اليوم الآخر تقاتلوا، وتحاسدوا، ودمر بعضهم مدن بعض، وأطلقوا صواريخهم، وقتلوا الآمنين، كل ذلك لأنهم لا يؤمون باليوم الآخر.
رابعاً: قضية النّصرة، ينبغي أن نؤمن أن الله عز وجل ينصر أولياءه، ويدافع عن أحبابه، ولو ظهروا على الساحة أنهم هم المهزومون، هم القليلون، هم المضطهدون، فالعاقبة لهم، والنصر حليفهم.
إنا لننصر رسلنا والذين آمنوا في الحياة الدنيا ويوم يقوم الأشهاد [غافر:51].
خامساً: قضية الشكر، فالله عز وجل يطلب من العبد أن يتذكر المعروف، وأن يشكر النعم، وأن يشكر النعم وأن يحفظ الأيادي.
سادساً: على الداعية أن يعرف مداخل القلوب، وألا يكون عنيفاً في أسلوبه، مجرحاً للشعور ولو كنت فظاً غليظ القلب لانفضوا من حولك [آل عمران:159].
دخل أحد الأعراب على هارون الرشيد، الخليفة العباسي الكبير، فقال الأعرابي: يا هارون، قال: نعم، قال: إن عندي كلاماً شديداً قاسياً فاستمع له: قال هارون: والله لا أسمع، والله لا أسمع، والله لا أسمع، قال: ولم؟ قال: لأن الله أرسل من هو خيرٌ منك، إلى من هو شر مني، ثم قال له: فقولا له قولاً ليناً لعله يتذكر أو يخشى [طه:44]. فاللين في الدعوة مطلوب، وأدب الحوار مطلوب، وإنزال الناس منازلهم مطلوب، ومراعاة شعور الآخرين مطلوبة.
سابعاً: لا خوف على المسلم، فإن النفوس بيد الله، والأرزاق في خزائن الله، فهو الذي يحيي ويميت، ويغني ويعدم، وينفع ويضر، بيده مقاليد كل شيء لا إله إلا هو، ولا رب سواه.
هذه بعض دروس قصة موسى عليه السلام وأغلبية سور القرآن، تحلق بنا دائماً مع موسى عليه السلام فقصته طويلة، وأحداثها متعددة، فيها العبرة، وفيها العظة، وفيها السلوى، وفيها الثبات على المبدأ، فسلام الله على موسى في الأولين، وسلام على موسى في الآخرين، وشكر الله سعيه.
أما فرعون وأتباعه فـ النار يعرضون عليها غدواّ وعشياً ويوم تقوم الساعة أدخلوا آل فرعون أشد العذاب [غافر:46].
عباد الله:
صلوا وسلموا على من أمركم الله بالصلاة والسلام عليه فقال: إن الله وملائكته يصلون على النبي يا أيها الذين آمنوا صلوا عليه وسلموا تسليماً [الأحزاب:56].
اللهم صلّ على نبيك وحبيبك محمد، واعرض عليه صلاتنا وسلامنا في هذه الساعة المباركة يا رب العالمين، وارض اللهم عن الصحابة الأطهار، من المهاجرين والأنصار، ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين، وعنا معهم بمنك وكرمك يا أكرم الأكرمين.