خطبة بعنوان
بمن نقتدي
الحمد لله أنشأ الكون من عدم وعلى العرش استوى،أرسل الرسل وأنزل الكتب تبياناً لطريق النجاة والهدى، أحمده جل شأنه وأشكره على نعم لا حصر لها ولا منتهى ، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لاشريك له يرتجى،ولا ند له يبتغى،وأشهد أن نبينا وحبيبنا محمداً عبد الله ورسوله الحبيب المصطفى والنبي المجتبى صلى الله عليه وعلى آله وصحبه ومن سار على النهج واقتفى.أمابعد:
فاتقوا الله عباد الله فإن النجاة من النار لمن اتقى قال ربنا في محكم التنزيل:{وَإِنْ مِنْكُمْ إِلَّا وَارِدُهَا كَانَ عَلَى رَبِّكَ حَتْمًا مَقْضِيًّا()ثُمَّ نُنَجِّي الَّذِينَ اتَّقَوْا وَنَذَرُ الظَّالِمِينَ فِيهَا جِثِيًّ}(مريم:72).
مسافر زود بخارطة للسفر توضح له الطريق والهدف الذي يصل إليه،لكنه طوى تلك الخارطة ووضعها جانباً وتناساها حتى نسيِّها،وأخذ يعتمد على عقله وقدراته الذاتية في معرفة الطريق؛فكان إذا رأى ضوءً لا معاً سار باتجاهه وقال هناك بغيتي فيكتشف أنه سراب أو خداع بصري،ثم يرى قافلة تسير ذات اليمين فيتبعها ويقول هذه بالتأكيد تسير نحو هدف جيد،فإذا به يرى قافلةً أكبرَ وأكثرَ عدداً ذات اليسار فيتبعها قائلاً هؤلاء أكثر ولاشك أن رأيهم أصوب..وهكذا يضل يتخبط ذات اليمين وذات الشمال..!. فهل ترون أحبتي أنه يصل لهدف أو غاية محمودة،أم أنه يضيِّع عمره ووقته وجَهْدَه هباءً منثوراً ..؟.
والسؤال أحبتي أنا وأنت وهي وهو ونحن جميعاً،نحن أبناء أمة الإسلام العظيمة، نحن أبناء خير أمة أخرجت للناس بشهادة رب العالمين أين طريقنا..؟. من قائدنا ..؟. بمن نقتدي..؟. اسمعوها غضة طرية عطرة من رب العالمين وهو يناديكم مبيِّن لكم الطريق بقوله : { لَقَدْ كَانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللَّهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ لِمَنْ كَانَ يَرْجُو اللَّهَ وَالْيَوْمَ الْآَخِرَ وَذَكَرَ اللَّهَ كَثِيرً}(الأحزاب:21).إذاً قدوتنا هو خير الورى قدوتنا هو إمام التقى قدوتنا هو بدر الدجى، قدوتنا هو سيدي أبا القاسم صلوات ربي وسلامه عليه؛قد يقول قائل لا أحد من أمة الإسلام صغيراً كان أم كبيراً إلا ويقول أن رسول الله صلى الله عليه وسلم هو قدوته الكبرى فما الجديد في الأمر..؟.فأقول نعم الكل يقول بذلك لفظياً لكن أين تطبيقُ ذلك عملياً بين أبناء أمة الإسلام..؟.
تلفت حولك وابحث عن أبسط مظاهر الاقتداء بخير الورى؛ هل أعفى الرجال والشباب لحاهم اقتداءً و حباً وتنفيذا لأمر رسول الله صلى الله عليه وسلم ،أم أن هناك تنافس في تنعيم الجلود والخدود..؟.
ولا أدري يفعلون ذلك حباً واقتداء بمن..؟. والأشد والأدهى والأمر أن ينفر المسلم،أن ينفر فرد من أمة الإسلام من تلك السنة،بل قد يصل الحال ببعضهم-عياذاً بالله- لأن يزدريها..!!.فنسائل من يقول أويفعل ذلك إذا كنت لا تقتدي بخير الورى فقدوتك من..؟.إذا كنت لا تقتدي بالحبيب المصطفى فقدوتك من.؟. هل قصَّرَ الرجال والشباب ثيابهم إلى الكعبين كحدٍ أقصى اقتداءً وحباً لسنة النبي صلى الله عليه وسلم وإنفاذاً لأمره أم أنهم أخذوا يجرون ثيابهم على الأرض جراً،فمن فعل ذلك نقول له إذا كنت لا تقتدي بخير الورى فقدوتك من..؟. هل قام رجال ونساء أمة الإسلام يصلون الليل ولصدورهم أزيز كأزيز المرجل من البكاء كما كان حال نبيهم في ليله؟.أم أنهم باتوا يقلبون أبصارهم وأسماعهم بين فحش القنوات الفضائية وفجور الشبكة العنكبوتية..؟.
ولمن فعل هذا نقول له إذا لم يكن قدوتك في قيام الليل حبيبك المصطفى صلى الله عليه وسلم فقدوتك من..؟. هل تقيدت المرأة المسلمة بأمر ربها لها بالقرار في بيتها بقوله:{وَقَرْنَ فِي بُيُوتِكُنَّ وَلَا تَبَرَّجْنَ تَبَرُّجَ الْجَاهِلِيَّةِ الْأُولَى..} (الأحزاب:33)؟.أم أنها خرجت للأسواق وميادين العمل متبرجة متعطرة مائلة مميلة تلهث خلف كل موضة جديدة باسم الحضارة والتقدم والحرية..! فنقول لمن فعلت ذلك إذا لم يكن قدوتك نساء النبي صلى الله عليه وسلم أطهر نساء هذه الأمة فقدوتك من..؟.هل بحث شباب وفتيات أمة الإسلام العظيمة عن دينهم فطبقوا أحكامه هل بحثوا عن أخلاق وأمجاد سلفهم فاقتدوا بها..؟.أم أنهم أخذوا يلهثون خلف أعياد أهل الكفر من عيد رأس السنة لعيد الحب..إلى غير ذلك،وينفقون الأموال والأوقات والجهود لتقليد قوم قال الله فيهم:{وَدَّ كَثِيرٌ مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ لَوْ يَرُدُّونَكُمْ مِنْ بَعْدِ إِيمَانِكُمْ كُفَّارًا حَسَدًا مِنْ عِنْدِ أَنْفُسِهِمْ مِنْ بَعْدِ مَا تَبَيَّنَ لَهُمُ الْحَقُّ..}(البقرة:109).وقال فيهم محذراً:{يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا إِنْ تُطِيعُوا فَرِيقًا مِنَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ يَرُدُّوكُمْ بَعْدَ إِيمَانِكُمْ كَافِرِينَ()وَكَيْفَ تَكْفُرُونَ وَأَنْتُمْ تُتْلَى عَلَيْكُمْ آَيَاتُ اللَّهِ وَفِيكُمْ رَسُولُهُ وَمَنْ يَعْتَصِمْ بِاللَّهِ فَقَدْ هُدِيَ إِلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ}(آل عمران:101).فإلى كل من وقع في مثل ذلك أناديهم من هذا المكان المبارك وفي هذا الزمان المبارك فأقول يا شباب وفتيات أمة الإسلام المجيدة أرجوكم..ثم أرجوكم أن تعودوا لجادة الصواب ولا تفجعوا الأمة بكم فأنتم أملها الباسم،كيف تحمل قلوبكم مودة ومحبة تنافي الإيمان الصادق بالله العظيم أما سمعتم قول الله جل في علاه :{ لَا تَجِدُ قَوْمًا يُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآَخِرِ يُوَادُّونَ مَنْ حَادَّ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَلَوْ كَانُوا آَبَاءَهُمْ أَوْأَبْنَاءَهُمْ أَوْ إِخْوَانَهُمْ أَوْ عَشِيرَتَهُمْ أُولَئِكَ كَتَبَ فِي قُلُوبِهِمُ الْإِيمَانَ وَأَيَّدَهُمْ بِرُوحٍ مِنْهُ وَيُدْخِلُهُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ وَرَضُوا عَنْهُ أُولَئِكَ حِزْبُ اللَّهِ أَلَا إِنَّ حِزْبَ اللَّهِ هُمُ الْمُفْلِحُونَ}(المجادلة:22).لا تقولوا نحن لا نفعل ذلك محبة فيهم فهل رأيتم من يقلد قوماً وهو لهم كاره..؟.بل إن قمة الحب مشاركة القوم وتقليدهم في أعيادهم.فهل نسمع من أبناء الأمة رجوعاً قريباً إلى الله إلى منهج الله إلى الاقتداء برسول الله صلى الله عليه وسلم
يا أمة الإسـلام داهمنـي الأسـى *** فَعَجـزتُ عـن نـطـقٍ وعــن إعــرابِ
يــا أمــة الإســلام ، ليـلـكِ جـاثــمٌ *** والـفـجــرُ يــرفــعُ رايــــةَ الإضــــرابِ
وأراكِ قــاعــدةً ، وغــيــرُكِ راكــــضٌ *** يـجــري إليكِ مــحــدَدَ الأنــيــابِ
وأراكِ لاهـيـةً ، وغـيــركِ لـــم يـــزل *** يـقـظًـا يـمــدُ إليكِ كـــفَ خـــرابِ
فرطتِ في الإِسلام ، هـذا كـل مـا *** في الأمرِ ، لم تسترشدي بكتـابِ
لــم تجعـلـي للـديـنِ وزنــاً صـادقـاً *** و غرقـتِ فــي رُتَــبٍ وفــي ألـقـابِ
وسـكـرتِ بالنـعـم الوفـيـرةِ سـكـرةً *** أنسَـتـكِ مـعـنـى نـقـمـةٍ وعـقــابِ
فوقعتِ فيما أنتِ فيه مـن الأسـى *** ورحـلـتِ فــي الأوهــام دون إيــابِ
يـا أمــة الإســلام لــن تتسنـمـي *** رُتُــبَ الـعُــلا بـالـمـال والأحـســابِ
لن تسلكي درب الخـلاص بمدفـع *** وبـكــثــرة الأعـــــوان والأصــحـــابِ
لـــن تبـلـغـي إلا بـنـهــجٍ صادقٍ ***وتـعــلُــقٍ بـالـخــالــقِ الـــوهـــابِ
تفنـى الجـيـوش وتنتـهـي آثـارهـا ***ونــنــال بـالإيـمــان عــــز جــنـــابِ
{وَمَنْ أَعْرَضَ عَنْ ذِكْرِي فَإِنَّ لَهُ مَعِيشَةً ضَنْكًا وَنَحْشُرُهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ أَعْمَى()قَالَ رَبِّ لِمَ حَشَرْتَنِي أَعْمَى وَقَدْ كُنْتُ بَصِيرًا()قَالَ كَذَلِكَ أَتَتْكَ آَيَاتُنَا فَنَسِيتَهَا وَكَذَلِكَ الْيَوْمَ تُنْسَى()وَكَذَلِكَ نَجْزِي مَنْ أَسْرَفَ وَلَمْ يُؤْمِنْ بِآَيَاتِ رَبِّهِ وَلَعَذَابُ الْآَخِرَةِ أَشَدُّ وَأَبْقَى}(طه:124-127).